فيلم حياة الماعز هو فيلم من اخراج بليسي و عرض على نتفلكس في التاسع عشر من شهر يوليو لعام 2024 وهو مبني على رواية أيام الماعز المستوحاة من قصة حقيقية، تم إصدار الرواية عام 2008 بقلم المؤلف الهدي بيني دانبيل المعروف ب بنيامين، حيث حازت الرواية على العديد من الجوائز مثل جائزة أبوظبي ساكثي وجائزة أكاديمية كيرلا ساهيتيا JCB
آثار فيلم حياة الماعز الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض له، حيث يعتقد الكثيرون أنه خطة لتشويه سمعة المملكة العربية السعودية، بينما الجانب الآخر ينفي ذلك حيث عرض الفلم قصة حياة حقيقية حدثت ومعاناة قد تمثل الكثيرين والواجب أن نستفيد من هذه التجارب لتحسين المستقبل، كما أن فلم حياة الماعز والرواية أيضًا قد أظهرت بعض الجوانب الايجابية، بالإضافة لخضوع نظام الكفيل للعديد من التعديلات في الآونة الأخيرة.
Table of Contents
Toggleعما تدور أحداث فيلم حياة الماعز
تدور أحداث فيلم حياة الماعز حول مهاجر هندي مالايالي يدعى نجيب، هاجر إلى المملكة العربية السعودية تاركًا وراءه زوجته الحامل وأهله، هاجر للعمل تحت نظام الكفيل، وقد دفع مبلغًا للحصول على التأشيرة، ولكن بعد سفره ووصوله إلى المطار يختطف من قبل رجل يستغل ضعف التواصل في اللغة لديه، ليتبعه الهندي ظانًا أنه الكفيل، ليأخذه إلى مزرعة في الصحراء لتربية الأغنام والماشية، حيث يستعبده ويفرض عليه العمل الشاق دون أجرة وإلا التعرض للضرب المبرح والتهديد بالقتل.
كما يذكر الفيلم صعوبة العمل الشاق والمصاعب التي تواجه نجيب حيث أنه لم يعمل برعي الأغنام من قبل، بالإضافة لتواجده في الصحراء لأول مرة، فهو قادم من منطقة نهرية، وكان يعمل سابقًا باستخراج الرمال من قاع النهر وبذلك يشكل التواجد في الصحراء وكيفية التأقلم من غير وجود ماء كافي من أكبر المصاعب التي تواجه المهاجر.
كما يركز أيضا فيلم حياة الماعز على المعاملة القاسية التي كان يتلقاها نجيب فكان كل طعامه هو الخبز فقط، حيث يطعمه صاحب المزرعة في الغداء والعشاء الخبز، بالإضافة لكمية محسوبة من الماء حيث الماء غالي جدًا ولا يرغب صاحب المزرعة بإهداره على العامل المسكين الذي يعمل بجد دون أجرة، ونسبة لعدم توفر المياه فقد فرض عليهم صاحب المزرعة الحياة بثوب واحد دون الاستحمام طول فترة السنين التي كان يعمل بها، وبذلك أصبح يعاني من الإعياء والفتور المتواصل.
كما تركز أحداث فيلم حياة الماعز على الهروب من الصحراء الوعرة الجافة وتجسد الرحلة المميتة التي يواجهها نجيب للخروج لعبور الصحراء إلى بر الأمان.
ملخص فيلم حياة الماعز وأحداث الرواية
سنروي لكم في هذه الفقرة أحداث الرواية والفلم معًا، مستعينين بهما الاثنين لسرد الأحداث، فيما يلي ملخص للأحداث الرواية كاملة من بدايتها مع ذكر الاختلاف بينها وبين الفيلم، لمن لا يرغب بالحرق التوجه بمشاهدة الفيلم أولًا قبل إكمال هذا المقال.
بداية رواية أيام الماعز وأحداث الفيلم
تبدأ أحداث رواية أيام الماعز من النهاية حيث يذكر الكاتب بداية الرواية نجيب بعد أن تخلص من العبودية وسلم نفسه للشرطة على عكس أحداث الفيلم التي تبدأ بقصة نجيب من بدايتها منذ لحظة سفره إلى المملكة العربية السعودية.
سلم نجيب نفسه للشرطة مع صديقه عبد الحميد الذي كان يعاني من معاملة الكفيل السيئة له، وكانا يأملان بتسليمهما نفسيهما للشرطة أن يرجعا إلى بلادهما، ولكن ينتهي المطاف بعثور كفيل عبد الحميد عليه بالسجن، حيث يزور الكفلاء السجن للتعرف على العمال الهاربين منهم، وبعد فترة يحضر صاحب المزرعة للبحث عن نجيب الهارب، وهنا تبدأ أحداث الرواية وتحكي قصة نجيب.
نجيب كان يأمل بالحصول على لقمة عيش تؤمن له حياته وحياة ابنه المستقبلي وزوجته، حيث كان يعتقد أن مهنة استخراج الرمال من النهر قاربت الحكومة على الاستغناء عنها، وسرعان ما سيصبح عاطل عن العمل، لذلك ولتأمين مستقبله سجل نفسه تبعًا لشركة بناء حيث سيأخذه الكفيل للعمل فيها.
ليصل إلى المملكة العربية السعودية بعد أن باع كل ما ادخره لشراء التأشيرة، وكان يصاحبه في هذه الرحلة قريبه عبد الحكيم، الذي كان يأمل العمل في نفس الشركة،كان يعد صغيرًا في السن، والد عبد الحكيم أيضًا كان يعمل بنظام الكفيل ولكن في شركة في دبي، مما شجع نجيب وعبد الحكيم على التقديم لهذا النظام.
الاختطاف من المطار في فيلم حياة الماعز
يصل نجيب وعبد الحكيم إلى المطار حيث يعترضه هناك حاجز اللغة عن التواصل مع الناس من حوله، فنجيب لم يكمل دراسته فقد ترك الدراسة منذ الصف الخامس ولا يعرف اللغة الهندية حتى فقط يعرف اللغة المالايالامية، مما صعب عليه التواصل مع من حوله، أما عبد الحكيم فقد كان يعرف اللغة الهندية والقليل من اللغة الانجليزية.
ينتظر نجيب وعبد الحكيم في المطار لوقت طويل بدون جدوى، حيث لا يظهر أحد لإصطحابهما كما حدث مع غيرهم من بقية المهاجرين الذين حضروا للعمل في المملكة العربية السعودية، مما يدفعهما لسؤال موظف الأمن فيجيبهما بالانتظار فقد يحضر الكفيل كما ذكر في الفيلم، أما في الرواية فتذكر كلمة أرباب العمل، حيث أجابهم موظف الأمن بالانتظار فسيأتي أرباب العمل ليأخذوهما، وهنا تعلم نجيب كلمة أرباب وبقي في انتظار أرباب عمله ليأخذه بفارغ الصبر أما في فيلم حياة الماعز فقد تم ذكر كلمة كفيل.
يظهر بعد مضي وقت طويل وانقضاء اليوم رجل بدوي في المطار ينادي باسم عبد الله، ويؤشر على نجيب وعبد الحكيم، وهنا يشك نجيب أن هذا هو الأرباب الذي ينتظره، فيحاول التواصل معه ولكنه لا يفهم اللغة العربية، في النهاية يصطحبها الرجل بعد أخذ جواز سفرهما لسيارته التي بها صندوق خلفي ليجلس نجيب وعبد الحكيم يتأملان جمال المملكة العربية السعودية وجمال المباني، تطول الرحلة ليستيقظوا على صوت الرجل وهو ينزل عبد الحكيم في منطفة خالية من البشر ويسلمه لرجل آخر وهنا يحاول نجيب إيقافه ويخبره أنهما يجب أن يعملا معًا، ولكن يرد عليه الرجل (الأرباب) بالضرب ويسحبه إلى السيارة.
الحياة في المزرعة من اليوم الأول تملؤها الصعاب
في فيلم ورواية حياة الماعز يجد نجيب نفسه في مزرعة للغنم في وسط الصحراء ويصف صعوبة اليوم الأول حيث كان يشعر بالجوع والعطش ولا يوجد مكان للنوم، ويتفاجئ بوجود رجل آخر يعمل في المزرعة يشبه الشبح وذلك يرجع لملابسه المتسخة ولحيته الطويلة، ويرى نجيب نفسه في هذا الرجل، حيث علم أن مصيره لا محالة أن يصبح مثله، فالرجل لم يعد يتذكر عدد السنوات التي قضاها هنا، وما هو اسمه وهويته. يقضي نجيب أول يومين وهو يحاول تعلم تربية الأغنام وحلبها ورعايتها حيث هو لا يعرف كل هذه المهام.
يحاول التعلم على الحياة من دون ماء كافي حيث لا يمكن الاستحمام كل يوم كما اعتاد في موطنه أو السباحة في ماء النهر الوفير والاستمتاع بالمياه، حتى عند قضاء حاجته لم يكن يعلم كيف يغسل نفسه، كما أنه يحكي عن اشتياقه لزوجته وأهله، لكنه تعلم كيفية التصرف في الصحراء والاعتياد على جوها.
بالإضافة لعدم توفر الماء لا يتوفر الطعام أيضًا بالقدر الكافي حيث يعتمد أكل نجيب فقط على الخبز، ويبله بالماء عندما يصعب عليه تناوله، بالإضافة إلى ذكر الرواية لتناوله كأسًا من الحليب المقدم مباشرة بعد حلبه من ضرع الغنم عند الفطور، والخبز عند الغداء والعشاء.
شكل حاجز اللغة مشكلة كبيرة عند نجيب في بادئ الأمر لكنه مع الزمن بدأ يتعلم العديد من الكلمات مثل “المزرعة – الماء- الخبز” وهكذا، يتفاجئ نجيب بعد عدة أيام من وصوله باختفاء الرجل الذي يشبه الشبح الذي كان يعمل معه وعلمه وكيفية العمل، فظن أنه هرب، ليصبح جل العمل على رأسه لوحده، وحين يتوقف عن العمل بسبب الصعوبة في ذلك يتلقى الضرب المبرح من صاحب المزرعة.
تجسد أيضًا رواية حياة الماعز علاقة نجيب بالأغنام والماشية، حيث كانت هي صديقته الوحيدة في هذه الفترة الصعبة، فكان يسمي كل واحد منها ويعرفها بأسماءها وأصبح يعرف طباعها، كما أنه تفاجئ بسلوك البدو في تربية الأغنام حيث تفصل الصغار عن أمها بعد الولادة مباشرة، فتقطع بذلك الصلة الروحية بينها، حيث يعتمد الصغار على الحليب المحلوب من الغنم المقدم في الدلو، ولا يرتبط بأمه أبدًا، وفي ذلك إشارة للقسوة التي ليست على الراعي فحسب بل على الحيوانات أيضًا، كما تجسد أيضًا معاناة الحملان مع الإخصاء حيث يقوم الراعي باختيار بعضها ليستمر على فحولته للتكاثر، والآخرون يتم اخصاءه لكي يرسلوا إلى المسلخة فيما بعد، يشبه نجيب نفسه وحياته في هذه المزرعة بحياة الماعز.
بعد فترة من الزمن يعثر نجيب أثناء رعيه للأغنام على جثة الرجل الذي كان يعمل معه حينما وصل إلى المزرعة، ليتفاجئ ويفزع بها ويركض إلى قدمي الكفيل يبكي ويرجوه أن لا يقتله فقد كان لا يزال لديه الكثير من الأمل في الحياة.
تمر الفصول عليه في فيلم حياة الماعز والأحداث الإضافية في رواية أيام الماعز
استمرت معاناة نجيب عدة فصول وأصبحت حالته يرثى له فقد نمى الشعر كثيفًا على رأسه وعلى لحيته وكذلك في جسده فكان يزعجه حيث أصبح مرتعًا للحشرات والحكة المستمرة خاصة في منطقة الإبط والعانه، وقد حاول أن يقص بعض من لحيته بمقص صوف الغنم، كما أن عدم الاستحمام جعل رائحته نتنة للغاية وملابسه متسخة، لكنه أعتاد على هذا الاتساخ مع مرور الزمن وتقدم الفصول كما يظهر بذلك الشكل في فيلم حياة الماعز.
بعد مرور فصل الصيف الطويل يأتي فصل الخريف ليتلقي نجيب في ليلة ممطرة بعبد الحكيم، حيث وجده يرعى الغنم في مزرعة مجاورة لمزرعتهم في الصحراء، يسعد كلاهما بهذا اللقاء المميز، حيث تكون حالتهما متشابهة، فعبد الحكيم أيضًا يعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها نجيب، وبل ربما يتعرض لاعتداءات أكبر من صاحب المزرعة وتلك متمثلة في الرواية بالحرق بالماء المغلي والتعذيب الجنسي وغيره،لم يتم ذكر أساليب التعذيب التي تعرض لها عبد الحكيم في فيلم حياة الماعز ولكنه تم ذكرها في الرواية.
بعد هذا اللقاء يسعى نجيب وعبد الحكيم للقاء خفية أثناء الرعي بين الحين والآخر، وتمر السنوات حيث يمضي على وجودهما في المزرعة أكثر من ثلاثة سنوات، ليظهر أخيرًا رفيق لعبد الحكيم يدعى إبراهيم القادري، يصل إبراهيم القادري وهو صومالي الجنسية إلى مزرعة عبد الحكيم ليعمل فيها، حسب أحداث رواية حياة الماعز يغار نجيب منه في بادئ الأمر، يغار من صداقة عبد الحكيم وإبراهيم حيث هو لا يملك من يصادقه أو يحدثه، وأخيرًا يكتب عبد الحكيم رسالة لنجيب يخبره فيها بأنهم ينوون الهرب، فإبراهيم رجل عالم بالصحراء وسيتمكن من تهريبهما، والآن فقط ينتظرون الوقت المناسب.
فرح نجيب كثيرًا عند سماع الخبر بالهرب، ولم يتمالك نفسه وبدأ بالبكاء، فأخيرًا بعد كل هذه السنين آن أوان النجاة من هذا الجحيم، آن الآوان ليهرب من حياة الماعز هذه،كان نجيب في أحداث الرواية متدينًا جدًا، ومؤمن بقضاءه وقدره، عكس الفيلم الذي يندب فيه نجيب قدره ويتساءل عن وجود الإله حقًا في هذه الحياة.
بداية رحلة الهرب
بعد مضي عدة أيام يأتي يوم الموعود، حيث في ذلك اليوم أخبرهم صاحب المزرعة أن زواج ابنته سيتم اليوم وسيكون غائبًا طوال هذه الفترة بدون حراسة على المزرعة وسيأتمنهم عليها، وبهذا يتفق إبراهيم وعبد الحكيم ونجيب على الفرار في هذا اليوم.
في الليل ودع نجيب كافة الماشية التي كان يرعاها فلقد كانت هي صديقه المؤنس الوحيد طوال هذه الفترة، حتى أنه ارتبط بها عاطفيًا، فقد كان يحبهم ويبدو أن الماشيه كان تبادره الشئ ذاته.
تبدأ رحلة الخطر والهرب من حياة الماعز المحفوفة بالمخاطر في الصحراء حيث مغادرة المزرعة بدون ماء أو طعام كان مجازفة خطيرة سرعان ما ندموا عليها، حاولا سرقة بعض الماء من المزارع المجاورة لكنهم استقبلوا بوابل من الرصاص اعتقادًا من أصحابها أنهم لصوص، وهكذا استمروا في المضي قدمًا في الصحراء محاولين تتبع طريق السيارات، ولكن ليستيقظوا في الصباح على تلال الصحراء الخالية من الحياة، عندها علموا أنهم قد تاهوا ولكن إبراهيم يخبرهم أنهم عليهم المضي إلى الشرق فحتمًا هناك سيجدون الطريق، استمر الثلاثة في المضي قدمًا في لهيب الصحراء الحارقة بدون ماء ولا طعام، كان إبراهيم رجلًا متدينًا حيث أخبرهم أن الله حتمًا سيرشدنا إلى الطريق كما أرسل النبي إلى موسى ليرشده.
تلاقيهم في تلك الصحراء أشياء لم يروها من قبل، حيث هاجمتهم الأفاعي ولكن إبراهيم أنقذهم حين أمرهم بعدم الحراك، والانتظار حتى تمر جميع الثعابين من خلالهم، لينجو منها جميعًا، ليواصلوا طريقهم متعبين مرهقين، حيث تورمت قدما نجيب من الرحلة فقد كان حافي القدمين، ليربطها له إبراهيم بجزء من ثوبه، ويواصلو رحلتهم متجهين إلى الشرق.
يتحركون في الصباح الباكر ليقطعوا شوطًا قبل أن تلتهب الشمس في السماء، يقل نشاطهم عند النهار لكنهم لا يتوقفون فقد أخبرهم ابراهيم أن الاستراحة في رمال وتلال الصحراء لن تزيدهم إلا اعياءًا، استمروا عدة أيام بالمشي ولم يعد ذلك الصغير عبد الحكيم قادرًا على المضي قدمًا بل بادر بالهجوم على إبراهيم ونعته بالمخادع الذي خدعهم وكذب عليهم، ففي حياة الماعز في المزرعة على الأقل يوجد ماء وطعام أما هنا فلا يوجد شئ، ويقول أن الشيطان يضل الانسان عن الطريق، لم يصمد عبد الحكيم كثيرا بعدها بل أصابته حالة هستيرية من القفز والركض وبدأ يبتلع رمال الصحراء ويأكلها ويتقيئ دمًا، حتى مات بين يدي نجيب ولم يستطع أحد إنقاذه، بعد موت عبد الحكيم مباشرة تأتي عاصفة من الرمال متجهة نحوهم ليحمل إبراهيم نجيب على كتفه ويجري به بعيدًا عن العاصفة حتى تلقاهم ولكنهم يخرجو منها أحياءًا.
كان إبراهيم قوي البنية، لم تكن تظهر عليه علامات الإعياء الشديد مثل نجيب، فَقَدَ نجيب كل عزمه بعد موت قريبه في الصحراء ودفنه برمال العاصفة، لكن ابراهيم شجعه على المضي قدمًا، فمضيا في طريقهما حتى وجدا واحة صغيرة فيها المياه وفيها نخل الصحراء، فشربا بعد أن علم إبراهيم نجيب كيفية شرب الماء، حيث بلل قطعة من القماش وشيئًا فشيئًا بدأ بتنقيط الماء في فم نجيب حتى اعتاد عليه.
وهكذا بقيا معًا في هذه الواحة ليستريحا ويأكلا من التمر الذي في النخيل، يستمر الاثنان في المضي بعدها في الصحراء إلى أن يجدا آثار إطارات سيارات، ليسعد كلاهما بتلك الدلالة على قرب الوصول لطريق عام، يستمر الاثنان في المشي حتى تختفي الآثار بفعل رياح الصحراء، ولكنهما يستمران في هذا الاتجاه حتى الليل، ليستقيظ نجيب في الصباح وحيدًا من دون إبراهيم، فقد اختفى فجأه دون إعلام نجيب بأي شئ، بحث نجيب كثيرًا في الأرجاء ولكنه لم يعثر على إبراهيم فتابع طريقه إلى أن وصل بعدها في ذلك اليوم إلى طريق السيارات.
نهاية الصحراء والخلاص في فيلم حياة الماعز
وقف نجيب مطولًا في ذلك الطريق يرفع يده لكل السيارات ولكن لا يأبه له أحد ولا عجب في ذلك فشكله قد يخيف تلك السيارات ولا يدل على أنه إنسان عاقل، بعد مضي يوم كامل وهو يحاول، توقفت إحدى السيارات الفخمة التي تدل على ثراء صاحبها، ليأخذ نجيب معه إلى المدينة غير مبالٍ بشكله وثيابه الرثة، قدم الرجل الماء لنجيب، وأوصله إلى المدينة، ليمشي نجيب في تلك المدينة وحيدًا، ويحاول البحث عن مكان، ليدله أحدهم على مطعم يعمل فيه هنود من منطقته ويتحدثون لغته، يمشي نجيب إلى هناك ولكنه يفقد الوعي عند البوابة.
يتولى العاملون في ذلك المكان تنظيف نجيب وإزالة الأوساخ من جسده وحلق شعره ولحيته واستمرو بتنظيفه ثلاثة أيام بلطف وببطئ حتى لا يتقرح جسده، كما أحضروا له الممرض ليفحصه ويركب له المحاليل الوريدية، ليستعيد نجيب وعيه، ويحكي لهم قصته ويسعد كثيرًا بوجود من حوله ويحكي لهم عن قصته وحياة الماعز والاستعباد الذي تعرض له.
بعد الاستراحة في هذا المطعم فترة كافية من الزمن ربما لعدة أشهر يقرر نجيب أن يسلم نفسه للشرطة هو وصاحبه عبد الحميد الذي تعرف عليه مؤخرًا، وهنا نرجع بالأحداث لبداية الرواية، حين دخل السجن، والمدهش في الأمر هو عثور نجيب على صورة إبراهيم القادري في مخفر الشرطة في قائمة المطلوبين، مما يدل على سبب اختفاءه حينها وابتعاده عن نجيب حين اقترابهما من الطريق.
بعد مضي وقت في السجن على نجيب وعبد الحميد ، عاشا فيه أيامًا أفضل بكثير من أيام التي عاشها في المزرعة، حيث يصف في الرواية أن السجن الذي كان فيه كان يتمتع بوجبات طعام جيدة ومعاملة جيدة أيضًا، فهو لم يكن لمرتكبي الجرائم كان لأولئك الهاربين من كفلائهم، أو الذين يعثر عليهم في الطرقات في أوقات الصلاة وهكذا، كما أن الراوي يتوسع في الرواية ليحكي عن كيف يتوزع الناس في السجن حيث يضع كل جنسية مع بعضها في قسم خاص بها.
وأخيرا تباشر السفارة في استخراج الأوراق لنجيب ليتمكن من العودة إلى موطنه، ولكن قبل ذلك يعثر الكفيل عليه في السجن، لكنه لا يستطيع أخذه معه، حيث لم يكن كفيله الحقيقي ولا يملك أوراق تثبت ذلك، مما يدل على أن هذا الرجل كان خاطفًا ولم يكن كفيل نجيب الحقيقي، ليعود نجيب بعدها إلى موطنه بسلام وينتهي فيلم حياة الماعز بتوجه نجيب إلى المطار.
الاستعارة والتشبيه في رواية أيام الماعز وفيلم حياة الماعز
تسرد رواية أيام الماعز وكذلك فيلم حياة الماعز قصة نجيب بشكل يعتقد الكثيرون أن فيه شئ من الاستعارة، حيث يشبه رحلتهم في الصحراء للخلاص، بالطريق إلى الله، حيث الطريق صعب وشاق، يملأه الشك، وعندما ينصاع المرء للشيطان كما في حالة عبد الحكيم ويضله عن الطريق، أي حين شك عبد الحكيم بإبراهيم القادري ونعته بالكاذب هلك ومات، أما نجيب الذي ظل مؤمنًا حتى النهاية نجى.
أما إبراهيم القادري فيختلف الكثيرون حوله، حيث يعتقد الكثيرون أنه روح العناية الإلهية التي أتت لتخلص كلاهما لأنه كان متدينًا، كما أنه ذكر لهما أن الله سيرينا الطريق كما أرسل النبي إلى موسى، ويعتقد البعض الآخر أن إبراهيم هي روح ماتت في الصحراء والآن هي ترشد الآخرين إلى الطريق الصحيح وطريق النجاة ويعتقد العديد أنه ترك نجيب نهاية الطريق لأنه مطلوب للعدالة كما ظهر في مخفر الشرطة.
للرواية أو فيلم حياة الماعز العديد من الاستعارات والجوانب التي يظهر لنا بها الكاتب جمال العبرة التي يجب أن نغتمها، حيث نجد أنفسنا متعاطفين مع نجيب ومع ما يعانيه، لنخلص منها إلى الثقة بالله وعلى طريق الطويل لأن الصبر حتمًا سيقود إلى الفرج، كما ذُكر في نهاية الفيلم “هذه ليست قصة نجيب فحسب، إنما هي حزن آلاف الأشخاص الذين فقدوا حياتهم في الصحراء”.